نفسياً أو غيرياً هو ملاحظة كون البعث لأجل بعث آخر وعدمه ، فالأوّل هو الغيري ، والثاني هو النفسي.
وبعبارة أُخرى : الملاك في كون الواجب نفسياً أن يتعلّق به البعث في ملاك فيه لا لأجل بعث آخر ، كما أنّ الملاك في كون الواجب غيرياً أن يتعلّق به البعث لأجل بعث آخر ، وعندئذ تدخل الواجبات النفسية المعلومة كونها نفسية في التعريف الأوّل ولا يعمّه التعريف الثاني.
ثمّ إنّ الشيخ لما لم يرتض بالتعريف المتقدّم حاول التعريف بوجه آخر نقله المحقّق الخراساني في « الكفاية » ، قال : فإن كان الداعي فيه هو التوصّل به إلى واجب لا يكاد يمكن التوصّل بدونه إليه لتوقّفه عليه فالواجب غيري ، وإلاّ فهو نفسي ، سواء كان الداعي محبوبية الواجب بنفسه كالمعرفة باللّه أو محبوبيته بما له من فائدة مترتبة عليه كأكثر الواجبات من العبادات والتوصليات. (١)
وبما أنّ الشيخ عمّم الواجب النفسي إلى ما إذا كان الداعي محبوبية الواجب بنفسه كالمعرفة أو محبوبيته بما له من الغايات ، أورد عليه في الكفاية ، بأنّه لو كان الداعي هو اشتماله على الفائدة المترتبة عليه كان الواجب غيريّاً ، فانّه لو لم تكن هذه الفائدة لازمة ، لما دعا إلى إيجاب ذي الفائدة. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ الإشكال نابع من عدم الإمعان في كلام الشيخ حيث إنّه جعل المعيار كون الداعي إلى الأمر التوصّل إلى واجب آخر وعدمه ، لا التوصّل إلى الغايات والأغراض وعدمها ، والأغراض وإن كانت محبوبة بالذات ولكنها ليست
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٧١.
٢ ـ المصدر نفسه.