واجبة في الشريعة ولم يتعلّق بها الأمر والطلب.
والحاصل : انّ المعيار في الواجب الغيري كون الداعي إلى الأمر هو التوصّل إلى واجب آخر دلّ الدليل على وجوبه في الشريعة ، فمثل هذا التعريف لا يشمل الصلاة والصوم ، إذ لم يكن الداعي إلى الأمر بها هو التوصّل إلى واجب ورد في الشريعة ، وكون الداعي من الأمر وإن كان هو التوصّل إلى الأغراض والغايات لكن الأغراض لما لم تقع في إطار الأمر الظاهري لا يصدق على الصلاة كون الأمر بها للتوصل إلى واجب في الشريعة ، وكون الأمر بها للتوصل إلى الغاية ليس معياراً في تحديد الواجب الغيري.
وبذلك ظهر صحّة كلا التعريفين ورجوعهما إلى تعريف واحد سواء أقلنا :
النفسي ما أمر به لنفسه لا لبعث آخر.
والغيري ما أمر به لغيره ولبعث آخر ، أو قلنا :
الغيري : ما يكون الداعي إلى الأمر ، التوصّل إلى واجب آخر.
النفسي : ما لا يكون الداعي التوصّل إلى واجب آخر ، وإن كان الداعي إلى الأمر ـ لبّاً ـ هو تحصيل الغايات والأغراض التي ليست واجبة في الشريعة الإسلامية.
فإن قلت : ينتقض التعريف بالظهر والمغرب إذ فيهما كلا الملاكين : النفسيّة والغيرية ، وبأفعال الحج ، وذلك لأنّ المتقدّم منها واجب نفسي وفي الوقت نفسه وجب لبعث آخر أو لواجب آخر على اختلاف في التعبيرين.
قلت : تقدّم أنّ المقدّمة ليس هي نفس الصلاة أو نفس العمل في أعمال الحجّ ، بل المقدّمة هو تقدّمه على العصر ، والعمل شيء والتقدّم شيء آخر ، أو الشرط تأخّر العصر عن الظهر أو تأخّر السعي عن الطواف ، وتأخّرهما لا صلة له