فالعقاب على ترك ذيه لا على نفسه.
هذا كلّه لاكلام فيه وإنّما الكلام في أمر رابع وهو ترتّب الثواب على الواجب الغيري وعدم ترتبه ، وقبل الخوض في صلب الموضوع نشير إلى مسألة كلامية وهي هل الثواب في مطلق الواجبات من باب الاستحقاق أو من باب التفضّل؟
ذهب المحقّق الطوسي في « التجريد » وتبعه شارحه العلاّمة في « كشف المراد » إلى أنّ ترتّب الثواب على امتثال الواجبات من باب الاستحقاق ، وذهب الشيخ المفيد إلى أنّه من باب التفضّل ، فلندرس أدلّة القولين :
استدلّ القائل بالاستحقاق بوجهين :
الأوّل : انّ التكليف مشقّة ، وكلّ مشقة بلا عوض ظلم ، فينتج أنّ التكليف بلا عوض ظلم. (١)
ويظهر من المحقّق الخراساني ارتضاؤه حيث قال : لا ريب في استحقاق الثواب على امتثال الأمر النفسي وموافقته ، واستحقاق العقاب على عصيانه ومخالفته عقلاً. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ الصغرى والكبرى مخدوشتان.
أمّا الصغرى ، وهو انّ التكليف مشقة فلا يخلو من ضعف ، فانّ التكاليف الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد ، ومعها كيف يمكن وصف التكليف بالمشقة ،
__________________
١ ـ كشف المراد : ٢٦٢ ، المقصد السادس في المعاد ، المسألة الخامسة ، في الوعد والوعيد.
٢ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٧٥.