نعم لا يصحّ له أن يتخلّف بعدما وعد ، لاستلزامه الكذب لو أخبر عن الثواب ، أو لاستلزامه تخلّف الوعد ، لو أنشأه ، وكلا الأمرين قبيح.
قد عرفت اختلاف المتكلّمين في أنّ ترتّب الثواب على العمل من باب الاستحقاق أو من باب التفضّل ، وعلى كلا الأمرين فالثواب فعله سبحانه وعطاء منه بالنسبة إلى المطيعين من عباده استحقاقاً أو تفضّلاً ، وهناك من يقول بأنّ الثواب والعقاب من لوازم الأعمال بوجوه ثلاثة :
إنّ الصلة بين العمل والثواب صلة توليدية ، وانّ العمل الدنيوي يزرع في الدنيا ويحصد نتائجه في الآخرة ، فالعمل علّة ، والثواب والعقاب ثمار العمل يترتّب عليه ترتّب الفرع على الأصل ، وربما يستظهر من قوله عليهالسلام : « العمل الصالح حرث الآخرة ». (١)
إنّ صاحب القول الأوّل كان يتبنّى الاثنينية ، وانّ هناك عملاً وثواباً ، والعمل بذر ينمو ويتبدّل إلى الثمر سواء أكان حلواً أو مرّاً ، لكن صاحب هذا القول ينكر الاثنينية ويقول : إنّ الثواب هو نفس العمل ، غير أنّ للعمل ظهورين : ظهوراً دنيوياً وهو ما نراه من العمل الحسن والسيء ، وظهوراً أُخرويّاً وهو الثواب
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢ ، ط عبده.