قد أجيب عن الإشكالين بأجوبة أربعة :
ذهب المحقّق الخراساني بأنّ المقدّمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة ، وغاياتها ( كالصلاة وقراءة القرآن ) إنّما تكون متوقّفة على إحدى هذه العبادات ، فلابدّ أن يؤتى بها عبادة ، وإلاّ فلم يؤت بما هو مقدّمة لها ، فقصد القربة فيها لأجل كونها في نفسها أُموراً عبادية ، ومستحبات نفسية لا لكونها مطلوبات غيرية. (١)
وهو قدسسره بهذا البيان دفع الإشكالين ( الأخيرين ) ، أمّا الأوّل فلأنّ عباديتها بالأمر النفسي لا بالأمر الغيري ، كما دفع إشكال الدور لأنّ عبادة الوضوء إنّما هو بالأمر النفسي المتعلّق بها ، فصار الوضوء عبادة قبل تعلّق الأمر الغيري ، فالأمر الغيري موقوف على الموضوع ، والموضوع ( أي كون الوضوء عبادة ) غير موقوف على الأمر الغيري.
وأورد عليه المحقّق النائيني بوجوه ثلاثة :
١. انّه لا يتم في خصوص التيمّم الذي لم يدلّ على كونه مطلوباً في حدّ ذاته.
٢. انّ الأمر النفسي الاستحبابي ينعدم بعروض الوجوب.
٣. انّه يصحّ الإتيان بجميع الطهارات بقصد الأمر النفسي المتعلّق بذيها ، من دون التفات إلى الأمر النفسي المتعلّق بها. (٢)
وحاصله : انّ الأمر النفسي المتعلّق بها مغفول عند الناس ، فكيف يكون
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٧٧.
٢ ـ أجود التقريرات : ١ / ١٧٥.