وحاصله : انّ الأمر النفسي المتعلّق بالوضوء مثلاً وإن كان مغفولاً عنه لكن قصد الأمر الغيري المتعلّق به يغني عن قصد الأمر النفسي ، لأنّه يدعو إلى ما هو مقدّمة بالحمل الشائع ، والمفروض أنّ المقدّمة بالأمر الشائع هو الوضوء الذي تعلق به الأمر النفسي.
ولكن الحقّ أنّ الإشكال الثالث للمحقّق النائيني بعد باق بحاله ، لأنّه إذا كان الأمر النفسي هو المقوّم لعبادية الوضوء ، فكيف يكفي قصد الأمر الغيري؟ ومجرّد كون ذاك الأمر داعياً إلى ما هو عبادة لا يكفي في عبادية الوضوء ، والشاهد على ذلك انّه لو صلّى أحد الظهرَ بنيّة الأمر الغيري أي بما انّها مقدّمة للعصر لا يغني عن قصد الأمر النفسي ، مع أنّ الأمر الغيري المتعلّق بالظهر يدعو إلى ما هو مقدّمة بالحمل الشائع ، وليس هو إلاّ الظهر الواجب نفسيّاً.
إلى هنا تم الجواب الأوّل عن الإشكالين ، وقد عرفت كيفية الذب عن الإشكالات التي أوردها المحقّق النائيني إلاّ ثالثها فهو باق على حاله ، فلندرس سائر الأجوبة.
ذهب المحقّق النائيني إلى أنّ منشأ عبادية الطهارات الثلاث هو الأمر المتعلق بالصلاة المتقيّدة بالطهارة ، وحيث إنّ الطهارة ممّا أخذت في متعلّق الأمر النفسي ، فيصلح أن يكون الأمر النفسي مصحّحاً للطهارات الثلاث ، قال في توضيحه : لا وجه لحصر منشأ عبادية الطهارات الثلاث في الأمر الغيري ، ولا في الأمر النفسي المتعلّق بالشيء ( المقدّمة ) ، بل هناك أمر ثالث وهو الموجب لكونها عبادة ، فانّ الأمر النفسي المتعلّق بالصلاة ، كما أنّ له تعلّقاً بأجزائها وهو موجب