لكونها عبادة لا يسقط أمرها إلاّ بقصد التقرّب ، فكذلك له تعلّق بالشرائط المأخوذة فيها ، فلها أيضاً حصة من الأمر النفسي وهو الموجب لعباديتها ، فالموجب لعباديتها في الأجزاء والشرائط واحد. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره خلط بين الجزء والشرط ، فالجزء مأخوذ في الواجب النفسي قيداً وتقيّداً ، فيصحّ الإتيان به بالأمر النفسي المتعلّق بالمركب ، وهذا بخلاف الشرط فالتقيّد مأخوذ في متعلّق الأمر النفسي كالطهارة في الصلاة لكن القيد من المقدمات الخارجة عن المركّب ، فلا يصحّ إتيانه بالأمر النفسي المتعلّق بالمركب ، لأنّ القيد خارج عن المتعلّق.
ذهب المحقّق البروجردي إلى أنّه يكفي في إضفاء العبادية على الطهارات الثلاث قصد التوصّل بها إلى الأمر النفسي المتعلّق بالغاية ، يقول : يكفي في عبادية الشيء أن يأتي به المكلّف تارة بقصد أمره النفسي الاستحبابي ، وأُخرى أن يأتي به بقصد التوصّل به إلى إحدى غاياته. وحينئذ يكون الداعي إلى إيجاده هو الأمر النفسي المتعلّق بالغاية المطلوبة من الصلاة والقراءة ونحوهما.
والحاصل : انّ المصحّح لعبادية المقدّمات هو قصد الأمر المتعلّق بذيها ، من غير حاجة إلى قصد الأمر النفسي أو الغيري المتعلّق بأنفسها. (٢) ولعلّه إلى ذلك الجواب يشير المحقّق الخوئي على ما في محاضراته حيث قال : إنّ منشأ عبادية الطهارات أحد أمرين على سبيل منع الخلو : أحدهما قصد امتثال الأمر النفسي ، وثانيهما قصد التوصّل بها إلى الواجب ، فانّه أيضاً موجب لوقوع المقدّمة عبادة ولو
__________________
١ ـ أجود التقريرات : ١ / ١٧٥.
٢ ـ نهاية الأُصول : ١ / ١٧٤ ـ ١٧٥.