لم نقل بوجوبها شرعاً. (١)
يلاحظ عليه : أنّه إن أراد انّ الأمر المتعلّق بذي المقدّمة يدعو إلى الإتيان بالمقدّمة ، فهو خلاف التحقيق ، لأنّ كلّ أمر لا يتجافى عن متعلّقه ولا يدعو إلى الخارج عنه والشرائط من الأُمور الخارجة عنه.
وإن أراد انّ الإتيان بالشيء للتوصّل به إلى العبادة كاف في تعنون المقدّمة بالعبادية ، ففيه أنّه غير تام بشهادة أنّ الإتيان بالستر وطهارته إذا قصد به التوصّل إلى الصلاة لا يوصفان بالعبادة ، فلابدّ ـ وراء التوصّل إلى العبادة ـ من شيء آخر كما سيوافيك في الجواب الرابع.
إنّ إضفاء وصف العبادية على الطهارات الثلاث وحلّ الإشكالين الأخيرين يتحقّق بوجهين آخرين :
١. انّ الشيء إذا كان صالحاً للعبادة فيكفي في إضفاء وصف العبادة عليه الإتيان به للّه سبحانه ، من دون حاجة إلى قصد الأمر النفسي ولا الغيري ، بل إذا كان لشيء في حدّ نفسه صالحاً للتعبّد وجاء به المكلّف للّه سبحانه يوصف بالعبادة ، والطهارات الثلاث من هذا القبيل ، فقد اتّفق العلماء على كونها صالحة للعبادة ، فمع إحراز هذه الصلاحية يكفي الإتيان بها للّه سبحانه في تعنونها بالعبادة من دون نظر إلى الأمر النفسي المتعلّق بها أو الأمر النفسي المتعلّق بذيها أو الأمر الغيري المتعلّق بها ، وعلى ضوء هذا ينحل الإشكالان.
__________________
١ ـ لاحظ المحاضرات : ٢ / ٤٠١.