أدلّة القول بوجوب الموصلة
قد استدلّ صاحب الفصول على وجوب المقدّمة الموصلة بوجوه ثلاثة ندرسها واحداً بعد الآخر.
الدليل الأوّل : انّ الحاكم بالملازمة بين الوجوبين هو العقل ، ولا يرى العقل إلاّ الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب ما يقع في طريق حصول الشيء وسلسلة وجوده ، وفيما سوى ذلك لا يدرك العقل أية ملازمة بينهما. (١)
وأورد عليه المحقّق الخراساني : بأنّ العقل الحاكم بالملازمة دلّ على وجوب مطلق المقدّمة لا خصوص ما إذا ترتّب عليها الواجب فيما لم يكن هناك مانع عن وجوبه ( كالأرض المغصوبة ) لثبوت مناط الوجوب حينئذ في مطلقها وعدم اختصاصه بالمقيّد بذلك منها. (٢)
وأجاب عن إشكال المحقّق الخراساني ، تلميذُه الجليل المحقّق الاصفهاني بقوله : ليس التمكّن من ذي المقدّمة ملاكاً لوجوبها ، فانّ التمكّن من ذيها حاصل بصرف التمكّن من المقدّمة وإن لم يأت بها. نعم تتوقّف فعلية ذيها على فعلية مقدّمته ، ويتوقّف تحقّقه على تحقّقها ، بل الملاك هو إيصالها إلى الواجب حيث إنّ الاشتياق إلى شيء لا ينفك عن الاشتياق إلى ما يقع في سلسلة علل
__________________
١ ـ الفصول الغروية : ٨٧ ، ط تبريز.
٢ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٨٨.