لم تكن هذه بمقدّمة ، أو كانت حاصلة من الأوّل قبل إيجابه ، مع أنّ الطلب لا يكاد يسقط إلاّ بالموافقة ، أو بالعصيان والمخالفة ، أو بارتفاع موضوع التكليف كما في سقوط الأمر بالكفن أو الدفن بسبب غرق الميت أحياناً أو حرقه ، ولا يكون الإتيان بها بالضرورة من هذه الأُمور غير الموافقة. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ الإشكال مبني على تفسير الموصلة بوجود ذي المقدّمة في جنب المقدّمة على نحو يكون الوجوب الغيري متعلّقاً بشيئين متغايرين :
١. المقدّمة.
٢. ذو المقدّمة في جنبها.
وعلى ذلك فما لم يأت المكلّف بالجزء الثاني لا يسقط الأمر المقدّمي.
ولكنّك عرفت أنّ عنوان الإيصال ليس نفسَ الواجب النفسي ولا منتزعاً عنه ، بل هو عبارة عن كون المقدّمة في الواقع في طريق ذيها ومنتهية إليه.
وعند ذلك يختلف الحكم ثبوتاً وإثباتاً.
فلو كانت المقدّمة واجدة لهذا الوصف ( كونها في طريق ذيها ومنتهية إليه ) يسقط الأمر واقعاً لا ظاهراً ، لعدم علم المكلّف بالانتهاء.
والحاصل : انّه لا مانع من أن يُحدّد الآمر موضوعَ حكمه بالمقدّمة التي تنتهي إلى ذيها وتقع في طريقها ولا يتعلّق حكم الآمر بما إذا لم يكن كذلك.
إنّ الإتيان بذيها ليس أثر المقدّمة بما هي هي ، بل يعدّ من أثره إذا انضم
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٨٦.