وأمّا إذا كانت تعبّدية ـ كالوضوء ـ فإن قلنا بالامتناع وتقديم النهي على الأمر ، فلا يمكن التوصّل بها ، قلنا بوجوب المقدّمة أو لا.
ولو قلنا بالاجتماع ، جاز التوصّل بها ، لأنّ تصحيح العبادة لا يتوقّف على وجوبها حتّى يقال انّ قصد القربة لا يتمشّـى مع كون ما يتقرّب به حراماً ، بل يكفي وجود الملاك والحسن الذاتي ، كانت المقدّمة واجبة أو لا.
فتلخص أنّ القول بوجوب المقدّمة وعدمه لا دور له في المقام.
وممّا ذكرنا يظهر الخلل في عبارة الكفاية في بيان الإشكال الثالث حيث قال : « إنّ الاجتماع وعدمه لا دخل له في التوصّل بالمقدّمة المحرّمة » ، والصحيح أن يقال : الوجوب وعدمه لا دخل له في التوصّل الخ.
ومن ثمرات القول بوجوب المقدّمة ، تصحيح التقرّب ببعض العبادات الغيرية ، كالطهارات الثلاث إذا وقعت مقدّمة للصلاة لما تقدّم من أنّ محور التقرّب لا ينحصر بالأمر النفسي (١) ولا بكون المتعلّق محبوباً بالذات (٢) بل يكفي في حصول التقرّب كون الحركة والامتثال لأجل الأمر الإلهي ، سواء أكان غيرياً أم نفسياً ، فعلى القول بوجوب المقدّمة يكون قصد أمرها مصححاً للعبادة والتقرّب ، بلا حاجة إلى التمسّك بوجوه أُخرى ، وقد مرّالبحث عنها عند البحث في الطهارات الثلاث.
__________________
١ ـ حكاه شيخنا الأُستاذ ـ مد ظله ـ عن درس السيد الإمام الخميني حيث كان يقول باستحباب الطهارات الثلاث بذاتها.
٢ ـ كما عليه المحقّق الخراساني.