مصبّاً للاستصحاب ، لأنّه يشترط في المستصحب أن يكون حكماً شرعياً كوجوب الشيء أو حرمته أو موضوعاً لحكم شرعي كما في الاستصحابات الموضوعية كاستصحاب الكرّية واستصحاب حياة زيد ، والملازمة بين الوجوبين ليست من قبيل واحد منهما.
فإن قلت : إنّ الملازمة موضوع لحكم شرعي ، إذ على القول بالملازمة يستكشف منه الحكم الشرعي ، فلو كان المستصحب وجود الملازمة يستكشف وجود الحكم الشرعي ولو كان عدمها يستكشف منه عدمه.
قلت : ما ذكرته وإن كان صحيحاً لكن يعوزه أنّ الحاكم بترتّب النتيجة في المقام على المقدّمة ، هو العقل القاطع بالملازمة بين حكمي العقل والشرع ، ومثل هذا لا يخضع للاستصحاب ، وإنّما يخضع له إذا كان الحاكم بالترتّب هو الشرع ، فالمستصحب ( الملازمة ) واستكشاف الحكم الشرعي ، والحاكم بالاستصحاب ، كلّها من أفعال العقل ، وما هذا حاله لا يصلح لأن يستصحب.
بخلاف ما إذا كان الحاكم بالترتّب هو الشرع كما في استصحاب الكرّية ، يترتب عليها طهارة ما غُسِل فيه ، لأنّ الحاكم بالترتّب هو الشرع الذي قال : الماء إذا بلغ قدر كر لا ينجسه شيء.
قد عرفت عدم جريان الأصل في المسألة الأُصولية ، وحان البحث في حكمه في المسألة الفقهية ، أي وجوب المقدّمة ، وعدمه.
والأُصول المتوهّم جريانها في المقام ثلاثة :
١. البراءة العقلية ، أي قبح العقاب بلا بيان.