عنها ، إلاّ أنّ ملاك تعلّق الإرادة بها ، وهو المقدّمية ، على حاله ، فإذا كان هذا حال الإرادة التكوينية فتكون الإرادة التشريعية مثلها أيضاً. (١)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ وصف الإرادة التكوينية بأنّها تتعلّق بفعل النفس والإرادة التشريعية تتعلّق بفعل الغير ، ليس بتام ، بل الإرادة مطلقاً لا تتعلّق إلاّ بفعل النفس ، وذلك لأنّها لا تتعلّق إلاّ بأمر واقع في إطار اختيار المريد ، وليس هو إلاّ فعل نفسه ، وأمّا فعل الغير فهو خارج عن اختيار المريد ، فكيف تتعلّق به إرادته؟! ولأجل ذلك قلنا بأنّ الإرادة التشريعية تتعلّق بإنشاء البعث وهو أمر صادر عن المريد ، والغاية منه تحريك الغير إلى العمل ، فتحريكه إلى العمل غاية وليس متعلّقاً للإرادة.
وثانياً : انّ الغاية من الإرادة التكوينية قيام نفس المريد بالفعل ، وإرادته لا تنفك عن إرادة مقدّماته ، فلذلك تتعلّق إرادتان تكوينيتان بالفعل ومقدّماته.
وهذا بخلاف الأوامر التشريعية فانّ الغاية هناك إيجاد الداعي والباعث في ذهن المكلّف إلى نفس العمل ، وهو حاصل بإيجاب ذيها من دون إيجاب مقدّمته.
إنّ وجود الأوامر الغيرية في الشريعة دليل واضح على وجود المناط في المقدّمة لتعلّق الوجوب فإذا تعلّق الوجوب في مورد بهذا المناط يستكشف وجوده في عامة المقدمات لوجود المناط فيها ، قال المحقّق الخراساني :
وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات والعرفيات لوضوح انّه لا يكاد يتعلّق الأمر الغيري بمقدّمة إلاّ إذا كان فيها مناطه ، فإذا تعلّق الأمر بها ، بهذا المناط ،
__________________
١ ـ أجود التقريرات : ١ / ٢٣١.