والثانية والثالثة مسوقة لبيان كيفية الوضوء والتيمّم ، فيكون الأمر إرشاداً إلى الجزئيّة.
كما أنّ الآية الرابعة بيان لشرطية التبيّـن للعمل بقول الفاسق.
كما أنّ الأمر بالامتحان في الآية الخامسة سيق لغاية العلم بإيمانهنّ حتّى لا يرجعن إلى الكفّار.
وبالجملة : لولا أمر الشارع في هذه الموارد لما حصل العلم بالمأمور به وشرطه وشروطه كما مرّ.
إلى هنا تمّ ما استدلّ به القائلون بوجوب المقدّمة.
الأقوى عدم وجوب المقدّمة شرعاً ، لأجل انّ إيجابها مع إيجاب ذيها أمر لغو لا يصدر من العاقل الحكيم ، وذلك لأنّ الغرض من الإيجاب المولوي هو جعل الداعي وإحداثه في ضمير المكلّف ، لينبعث ويأتي بالمتعلق ، فإيجاب المقدّمة إمّا غير باعث ، أو غير محتاج إليه ، فانّ المكلّف إن كان بصدد الإتيان بذي المقدّمة ، فالأمر النفسي الباعث إلى ذيها باعث إليها أيضاً ، ومعه لا يحتاج إلى باعث آخر بالنسبة إليها ، وإن لم يكن بصدد الإتيان بذيها وكان مُعْرِضاً عنه ، لما حصل له بعث بالنسبة إلى المقدّمة.
والحاصل : انّ الأمر المقدّمي يدور أمره بين اللغوية ـ إذا كان المكلّف بصدد الإتيان بذيها ـ وعدم الباعثية وإحداث الداعوية أبداً إذا لم يكن بصدد الإتيان بذيها.