وأمّا كون الامتثال في الواجب متوقّفاً على عامّة المقدّمات والامتثال في باب المحرّمات يتوقّف على ترك واحدة منها إذا لم تكن المقدّمات متحقّقة ، وعلى ترك الأخيرة إذا كانت متحقّقة ، وإن كان صحيحاً لكنّه لا يرتبط بباب تعلّق الأحكام بصلة ، فالبحث ليس في كيفية الامتثال ، وإنّما البحث في سريان الحب والبغض في مقام التشريع إلى المقدّمة ، والملاك موجود في عامة المقدّمات إمّا مطلقة وإمّا موصلة.
ذهب المحقّق الخراساني إلى سراية التحريم من ذي المقدّمة إلى المقدّمة التوليدية ، أعني : ما لا تتوسط بين المقدّمة وذيها إرادة المكلّف ، كالإلقاء بالنسبة إلى الإحراق (١) ، وأمّا في العلل الإعدادية من السبب والشرط والمعد فبما انّ الإتيان بغير الجزء الأخير ( الإرادة ) لا يسلب الاختيار من المكلّف ويتمكّن المكلّف معه أيضاً من ترك الحرام فلا يترشّح التكليف إلى ما عدا الجزء الأخير.
وأمّا الجزء الأخير ، أعني : الإرادة ، فهو وإن كان لا يتمكّن معه من ترك الحرام لكنّه أمر خارج عن الاختيار لا يتعلّق به التكليف.
وحاصل كلامه : انّه يسري الحكم في العلل التوليدية لكونها ملازمة مع المبغوض في المكروه والحرام ، وأمّا في غيرها فالذي يقع في إطار الاختيار كما هو الحال قبل تعلّق الإرادة فهو لا يلازم المبغوض ، بل يتمكّن المكلّف معه من ترك
__________________
١ ـ وإلى هذا يشير في كتابه بقوله : « فلو لم يكن للحرام مقدّمة لا يبقى معه اختيار تركه » أي علّة تامّة لا يتمكّن معها من ترك ذيها. وما في النسخة المحشّاة بتعليقة العلاّمة المشكيني من قوله : « فلم لم يكن » تصحيف.