وإيجادي فقد تكلّم هو عن خصوصيات المعنى الحرفي وأقسامه دون حقيقته وواقعه.
وبذلك يعلم انّ نظرية المحقّق النائيني أيضاً لا تخالف مختارنا حيث قال : إنّ شأن أدوات النسبة ليست إلاّ إيجاد الربط بين جزئي الكلام ، فانّ الألفاظ بما لها من المفاهيم متباينة بالهوية والذات ، فلفظ « زيد » بما له من المعنى مباين للفظ « قائم » بما له من المعنى ، وكذا لفظ « السير » مباين للفظ « الكوفة » و « البصرة » بما لهما من المعنى ، لكن أدوات النسبة إنّما وضعت لإيجاد الربط بين جزئي الكلام بما لهما من المفهوم على وجه يفيد فائدة تامة يصحّ السكوت عليها ، فكلمة « من » و « إلى » إنّما جيء بهما لإيجاد الربط وإحداث العلقة بين « السير » و « البصرة » و « الكوفة » الواقعة في الكلام بحيث لولا ذلك لما كان بين هذه الألفاظ ربط وعلقة أصلاً. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من شأن الحروف أمر لا سترة عليه لكن الربط يحصل بواقع المعنى الحرفي فكان عليه أن يحدد المعنى الحرفي ثمّ يتكلّم في أوصافه وقُدُراته.
وبذلك يظهر انّ نظرية المحقّق الخوئي في الحروف أيضاً لا تخالف ما ذكرنا حيث قال : إنّ الحروف وضعت لتضييق المعاني الاسمية وتقييدها بقيود خارجة عن حقائقها ، ومع ذلك لا نظر لها إلى النسب الخارجية ، بل التضييق إنّما هو في عالم المفهوم ، ثمّ مثّل بمثال وقال : الصلاة في المسجد حكمها كذا ، فانّ الصلاة لها إطلاق إلى الخصوصيات المسنونة والمصنفة والمشخصة ، فغرض المتكلّم قد يتعلّق ببيان المفهوم على إطلاقه وسعته ويقول : الصلاة خير موضوع ، وقد يتعلّق بإفادة حصة خاصة منه ويقول : الصلاة في المسجد حكمها كذا ، حتى تدلّ على
__________________
١ ـ فوائد الأُصول : ١ / ٤٢ ؛ أجود التقريرات : ١ / ١٨.