فعلى ما ذكره يكون الموضوع له هو ذات المفرد المذكر ونفس المشار إليه مع قطع النظر عن كونه بوصف المشار إليه ، لكن النظرية يحيطها شيء من الغموض لأنّه يقول : « وضعت لنفس المفرد المذكر على النحو الكلّي ليشار بها إلى معانيها ».
فماذا يريد من الإشارة؟ فإن أراد الإشارة بنفس اللفظ ، فهو غير معقول ، لأنّه إذا كان موضوعاً لنفس المفرد المذكر فاستعماله فيه لا يستلزم إلاّ إحضار نفس المعنى لا أمراً زائداً عليه.
وإمّا أن يراد الإشارة الحسية بالاصبع وغيره ، فمع أنّه يستلزم عدم صحّة استعماله إلاّ مع الإشارة يلزم عدم صحّة الضمائر الخطابية ، فانّ الخطاب لا يتحقّق إلاّ بنفس اللفظ لا بأمر آخر حيث نقول : « خرجت أنت ».
وهذه النظرية على طرف النقيض من النظرية السابقة ، لأنّها تعتمد على أنّ أسماء الإشارة وضعت لنفس الإشارة من دون أن يدخل فيها المشار إليه ، أعني : المفرد المذكّر ، وقد تبعه السيّد الأُستاذ قدسسره.
وحاصل النظرية : انّ أسماء الإشارة والضمائر والموضوعات ، التي يجمعها « المبهمات » وضعت لنفس الإشارة فيكون لفظ « هذا » بمنزلة الإشارة بالاصبع فيكون آلة للإشارة ، والإشارة أمر متوسط بين المشير والمشار إليه. وعلى ذلك يكون عمل المبهمات كلّها عملاً إيجادياً ، ولأجل ذلك ينتقل الذهن بعد سماعها إلى المشار إليه.
ولعلّه إلى ذلك يشير ابن مالك في ألفيّته بقوله :
بذا ، لمفرد مذكر أشر |
|
بذي وذه ، تي تا على الأُنثى اقتصر |
فهو يقول : إنّ لفظ « ذا » موضوع لنفس الإشارة لا للمشار إليه ، ومثله