وإذا كان كونه طاهراً ممّا لا يتكرّر ولا يتزايد فينبغي أن يكون كونه طهوراًلما يتزايد ، والذي يتصوّر التزايد فيه أن يكون مع كونه طاهراً مطهِّراً مزيلاً للحدث والنجاسة ، وهو الذي نريده.
وأيضاً وجدنا العرب تقول : ماء طهور وتراب طهور ولا تقول : ثوب طهور ولا خلّ طهور ، لأنّ التطهير غير موجود في شيء من ذلك ؛ فثبت أنّ الطهور هو المطهّر على ما قلناه»(١).
النموذج الثاني : ماء البحر : «مسألة : في ماء البحر : يجوز الوضوء بماء البحر مع وجود غيره من المياه ومع عدمه ، وبه قال جميع الفقهاء. وروي عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاصّ أنّهما قالا : التيمّم أحبّ إلينا منه. وقال سعيد بن المسيّب : يجوز التوضّؤ به مع عدم الماء ولا يجوز معوجوده.
دليلنا : قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوْرَاً)(٢) ، وماء البحر يتناوله اسم الماء. وقال تعالى أيضاً : (فَلَمْ تَجِدُوْا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)(٣) ، فشرط في وجوب التيمّم عدم الماء ، ومن وجد ماء البحر فهو واجد للماء الذي يتناوله الطاهر ، وعلى المسألة إجماع الفرقة. وروي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه سئل عن التوضّؤ بماء البحر فقال : هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته. وروى عبد الله بن سنان وأبو بكر الحضرمي قالا : سألنا أبا عبد الله عليهالسلام عن ماء البحر أطهور هو؟قال : نعم»(٤).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الخلاف ١ / ٤٩ ـ ٥٠.
(٢) سورة الفرقان ٢٥ : ٤٨.
(٣) سورة النساء ٤ : ٤٣ ، وسورة المائدة ٥ : ٦.
(٤) الخلاف ١ / ٥٠ ـ ٥٢.