فالسيرة في هذه الموارد ونظائرها ، كاشفة عن حكم شرعي كلّي وبهذا يصحّ البحث عن حجّيته ، مسألة أُصولية. ويكون البحث عن حجّيتها بحثاً أُصوليّاً.
وبهذا تبيّن انّ الاحتجاج بالسيرة يتوقّف على وجود شرطين :
١. اتّصال السيرة بعصر المعصومين عليهمالسلام وكونها بمرأى ومسمع منهم.
٢. عدم ردع صريح عنها.
فخرج بالشرط الأوّل العقود التالية الرائجة بين العقلاء الحادثة في الحضارة الصناعية :
١. عقد التأمين : وهو عقد رائج بين العقلاء ، عليه يدور رحى الحياة العصرية ، فموافقة العرف لها ليس دليلاً على مشروعيتها ، بل يجب التماس دليل آخر عليها.
٢. عقد حقّ الامتياز : قد شاع بين الناس شراء الامتيازات كامتياز الكهرباء والهاتف والماء وغير ذلك التي تعد من متطلبات الحياة العصرية ، فيدفع حصة من المال بغية شرائها وراء ما يدفع في كلّ حين عند الاستفادة والانتفاع بها ، وحيث إنّ هذه السيرة استحدثت ولم تكن من قبل ، فلا تكون موافقة العرف لها دليلاً على جوازها ، فلا بد من طلب دليل آخر.
٣. بيع السرقفلية : قد شاع بين الناس أنّ المستأجر إذا استأجر مكاناً وسكن فيه مدّة فيصبح له حقّ الأولوية وربما يأخذ في مقابله شيئاً باسم «السرقفلية» حين التخلية.
٤. عقود الشركات التجارية على أنواعها الرائجة في عصرنا هذا ، ولكلّ منها تعريف يخصّها ، ولم يكن لها أثر في عصر الوحي ، فتصويب كلّ هذه العقود بحاجة ماسة إلى دليل آخر وراء العرف ، فإن دلّ عليها دليل شرعي يؤخذ بها