والتقبيح العقلي وغيرهما. (١)
هذا هو ديدن الأُصوليّين المتأخّرين وقريب منه ديدن القدماء.
مثلاً عقد الشيخ الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه ـ) باباً للأخبار. (٢) كما عقد باباً خاصاً للإجماع. (٣) وأفرد فصلاً لما يعلم بالعقل والسمع. (٤)
ولمّا وصلت النوبة للمحقّق الخراساني (١٢٥٥ ـ ١٣٢٩ ه ـ) ، حاول تلخيص علم الأُصول ، فغيّر إطار البحث ، فلم يعقد لكلّ دليل من الأدلّة الأربعة باباً خاصاً واضحاً ، فقد أدخل البحث عن حجّية الكتاب ، في فصل حجّية الظواهر كتاباً كانت أو سنّة ، كما أدرج البحث عن الإجماع في البحث عن حجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد ، وأدغم البحث عن السنّة في حجّية الخبر الواحد ، وترك البحث عن حجّية العقل بتاتاً ، بل ركّز على نقد مقال الأخباريّين في عدم حجّية القطع الحاصل من الدليل العقلي ، دون أن يبحث في حجّية العقل في مجال الاستنباط وتحديد مجاريه ، وتمييز الصحيح عن الزائف ، وصار هذا سبباً لاختفاء الموضوع على كثير من الدارسين.
وقد كان التركيز على الأدلّة الأربعة بما هي هي أمراً رائجاً بين الأُصوليّين ، سواء أصحّ كونها موضوع علم الأُصول أم لا.
وهذا هو فقيه القرن السادس محمد بن إدريس الحلّي (٥٤٣ ـ ٥٩٨ ه ـ) يذكر الأدلّة الأربعة في ديباجة كتابه ويحدّد موضع كلّ فيها ، ويقول : فإنّ الحقّ لا يعدو أربع طرق : إمّا كتاب الله سبحانه ، أو سنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم المتواترة المتفق عليها ،
__________________
(١). لاحظ مطارح الأنظار : ٢٣٣ ـ ٢٣٩.
(٢). عدة الأُصول : ١ / ٦٣ ـ ١٥٥.
(٣). عدة الأُصول : ٢ / ٦٠١ ـ ٦٣٩.
(٤). عدة الأُصول : ٢ / ٧٥٩ ـ ٧٦٢.