والمصلحة والكراهة والإرادة. (١)
وهو قدسسره بإنكاره الحكم الظاهري بتاتاً وأنّه ليس هناك حكم وراء الواقع أجاب عن جميع الإشكالات ، إذ ليس هناك وراء الحكم الواقعي حكم حتّى يلزم الاجتماع ـ أي اجتماع حكمين ضدين أو مثلين ـ ولا الإرادة ولا الكراهة ولا المصلحة ولا المفسدة ، لأنّ الاجتماع في أي مرتبة من المراتب من شئون وجود حكمين ، فإذا لم يكن هناك حكم ثان لم يكن هناك ما يُعدّ من شئون الحكم الثاني ، أي الاجتماع في المظاهر الثلاثة.
نعم ما ذكره من الجواب لا يدفع محذور تفويت المصلحة ، أو الإلقاء في المفسدة ، فإنّ الأمر بالعمل بالأمارة بنفسه مفوّت لمصلحة الواقع أو موقع في المفسدة الواقعية وإن لم يتضمّن حكماً شرعياً ، وقد أجاب عنه قدسسره بأنّه مدفوع بوجود مصلحة غالبة على مصلحة التفويت أو الإلقاء.
ولعلّ مراده من تلك المصلحة هو المصلحة السلوكية في منهج الشيخ الأنصاري ، والمراد بها تسهيل الأمر على المسلمين ، حيث إنّ الأمر بتحصيل الواقع يورث العسر والحرج في أكثر الأزمنة بخلاف العمل بالأمارة فإنّ فيه تسهيلاً للأمر ولو خالف الواقع بنسبة قليلة لكنّه يوافقه بنسبة كثيرة ، وهذا المقدار من الخير الكثير يُجبر الشر القليل.
تحليل الجواب
وهذا الجواب غير خال من الإشكال حيث إنّ القول بأنّ المجعول في باب
__________________
(١). الكفاية : ٢ / ٤٨ ـ ٤٩.