١
العقل كاشف وليس بمشرّع
إنّ الشيعة الإمامية أدخلت العقل في دائرة كشف الحكم ، حيث يُستكشف به الحكم الشرعي في مجالات خاصة كما يُستكشف بسائر الأدلّة من الكتاب والسنّة والإجماع.
وليس معنى ذلك إطلاق سراحه في جميع المجالات بحيث يُستغنى به عن الشرع ، بل للعقل مجالات خاصة لا يصلح له الكشف إلّا فيها ، وسيوافيك بيان تلك المجالات.
ويراد من حجّيّة العقل كونه كاشفاً لا مشرّعاً ، فإنّ العقل حسب المعايير الّتي يقف عليها ، يقطع بأنّ الحكم عند الله سبحانه هو ما أدركه ، وأين هذا من التشريع أو من التحكُّم والتحتم على الله سبحانه ، كما ربّما نسمعه من بعض الأشاعرة ، حيث يزعمون أنّ القائلين بحجّية العقل في مجالات خاصة يُحكِّمون العقل على الله ، ولكنّهم غفلوا عن الفرق بين الكشف والحكم ، فإنّ موقف العقل في هذه المسائل هو نفس موقفه في الإدراكات الكونية ، فإذا حكم بأنّ زوايا المثلث تساوي مائة وثمانين درجة ، فمعناه : أنّه يكشف عن واقع محقّق ومحتّم قبل حكم