الأوّل على الثاني.
لا أقول : أنّ المصلحة الفائتة أو المفسدة الواردة تتدارك ؛ بل أقول : إنّ الأمارات حجّة من باب الطريقية المحضة ، وإنّ قيام الأمارة لا يحدث مصلحة في المتعلّق ، ولكن إذا دار الأمر بين الشرّ القليل والشر الكثير يحكم العقل بتقديم الأوّل على الثاني.
وأمّا الصورة الثانية ، أعني : محذور تدافع الملاكات فدفعه واضح ، لأنّه إنّما يلزم لو كانت الأمارة محدثة للمصلحة أو المفسدة في المتعلق فيلزم التدافع ، وقد عرفت عدم دور للأمارة سوى الطريقية.
وبعبارة أُخرى : إذا كانت الأمارة تمس كرامة الواقع وتحدث مصلحة أو مفسدة في المتعلق ، كان للتدافع وجه ، وأمّا لو قلنا بالطريقية المحضة كما هو الحق ، فلا مصلحة ولا مفسدة في الحكم الظاهري حتى يتحقق التدافع.
حتى ولو قلنا بالمصلحة السلوكية لا يلزم التدافع ، لأنّ المصلحة السلوكية مصلحة نوعية قائمة بنفس الأمر بالعمل بالأمارة لغاية إيجاد الرغبة في الدين فلا صلة لها بالمتعلّق الذي قامت به المصلحة والمفسدة.
ومن هنا تبين انّه لا يكون في الأمر بالعمل بالأمارة أيُّ محذور ملاكي.
٢. المحذور الخطابي
المحذور الخطابي يتلخص في اجتماع المثلين أو اجتماع الضدّين.
والجواب عنه بوجهين :
١. أنّ التماثل والتضادّ من أقسام التقابل وكلاهما من الأعراض الخارجية التي توصف بها الأُمور الحقيقية. وأمّا البعث والزجر الإنشائيّان فهما من الأُمور الاعتبارية التي لا توصف بالتضاد والتماثل إلّا اعتباراً ، والاعتبار خفيف المئونة فلا مانع من إنشاء البعث والزجر في شيء واحد.
وبعبارة أُخرى : انّ دلالة الألفاظ على المعاني بالوضع والاعتبار ، فإذا كان الوضع كذلك فالبعث والزجر المفهومان من اللفظين أولى أن يكونا اعتباريين.