إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ دلالة الظواهر على معانيها التي وضعت لها دلالة قطعيّة وليست بظنية ومن يصف دلالة الظواهر بالظنيّة يطلب منها ما لا يتوفر فيها ، وسيتّضح ذلك بعد بيان مقدّمة.
تقسم الإرادة إلى استعمالية أو جدّية
لا شكّ أنّ للمتكلّم الذي هو بصدد الإفادة والاستفادة ، إرادتين :
١. إرادة استعمالية.
٢. إرادة جدّية.
والمراد من الإرادة الاستعمالية هو استعمال اللفظ في معناه ، أو إحضار المعاني في ذهن المخاطب ، سواء كان المتكلّم جادّاً أو هازلاً أو مورّياً أو غير ذلك ، سواء كان المعنى حقيقياً أو مجازياً.
والمراد من الإرادة الجدية هو أن يكون ما استعمل فيه اللفظ مراداً له جدّاً وما هذا إلّا لأنّه ربما يفارق المرادان : الاستعمالي ، الجدّي ، كما في الهازل والمورّي والمقنن الذي يُعلّق الحكم على العام والمطلق مع أنّ المراد الجدي هو الخاص والمقيد ، ففي هذه الموارد تغاير الإرادة الجدية الإرادة الاستعمالية ، إمّا تغايراً تاماً كما في الهازل والمورّي واللاغي ، أو تغايراً جزئياً كما في العام الذي أُريد منه الخاص ، أو المطلق الذي أُريد منه المقيد بالإرادة الجدية.
إذا عرفت ذلك فنحن على القول بأنّ دلالة الظواهر على معانيها دلالة قطعية لا ظنيّة وذلك بوجوه من الأدلّة.