٣. إنّ القصور يستند تارة إلى غفلة المكلّف وتارة إلى غموض المطلب.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني دخل في مطلب آخر من دون أن يشير إلى عنوانه وهو البحث عن وجود الجاهل القاصر وعدمه.
إمكان وجود الجاهل القاصر(١)
قد أشار المحقّق الخراساني إلى وجود الجاهل القاصر بقوله : «كما هو المشاهد في كثير من النساء بل الرجال» غير أنّ هناك من يتصوّر عدم وجود الجاهل القاصر لوجوه ندرسها :
١. الإجماع على أنّ المخطئ في العقائد غير معذور ، وصحّة الإطلاق يتوقف على عدم وجود القاصر ، وإلّا لبطل مع كون القاصر معذوراً. فيقال : الجاهل القاصر مخطئ ، وكلّ مخطئ غير معذور ، فينتج : الجاهل القاصر غير معذور ولو كان موجوداً ، لعذّب ، مع أنّ العقل يرى تعذيبه على خلاف العدل ، ولا يحصل التخلص إلّا بالقول بعدم وجوده.
يلاحظ عليه : أنّ مصبَّ الإجماع هو الجاهل المتمكن ، فلا يشمل الجاهل القاصر.
٢. أنّ المعرفة غاية الخلقة ، فلو قلنا بوجود الجاهل القاصر يلزم نفي الغاية مع أنّها لا تنفك عن فعل الحقّ سبحانه. قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). (٢)
يلاحظ عليه : أنّ الغاية غاية للنوع لا لكلّ فرد لبداهة وجود المجانين والأطفال الذين يتوفون في صباهم.
__________________
(١). أشار إلى هذا البحث بقوله : والمراد من المجاهدة في قوله تعالى ....
(٢). الذاريات : ٥٦.