ولكن الإذعان من مقولة انفعال النفس بالمبادئ الّتي تؤثر في طروء هذه الحالة على صحيفتها ، ولو لا تلك المبادئ لما ترى له أثراً في الذهن.
يقول سبحانه : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ). (١) ما ذا يريد الله سبحانه من هذه الجملة؟ هل يريد أنّ الدين لا يمكن أن يتعلّق به إكراه؟! لأنّه من شئون القلب الخارجة عن القدرة ، تماماً كالتصورات الذهنية ، وانّما يتعلّق الإكراه بالأقوال والأفعال الّتي يمكن صدورها عن إرادة القائل والفاعل. (٢)
يقول العلّامة الطباطبائي : إنّ الدين وهو سلسلة من المعارف العلمية الّتي تتبعها أُخرى عملية ، يجمعها أنّها اعتقادات ، والاعتقاد والإيمان من الأُمور القلبية الّتي لا يحكم فيها الإكراه والإجبار ، فإنّ الإكراه إنّما يؤثر في الأعمال الظاهرية والأفعال والحركات البدنية المادية.
وأمّا الاعتقاد القلبي فله علل وأسباب أُخرى قلبية من سنخ الاعتقاد والإدراك ، ومن المحال أن ينتج الجهل علماً ، أو تولّد المقدّمات غير العلمية تصديقاً علمياً. (٣)
فما ادّعاه أعداء الإسلام من : «أن الإسلام قام بالسيف والقوة» ما هو إلا ادّعاء فارغ يجانب العقل ، لأنّ السيف لا يؤثر في العقيدة والإذعان وإن كان يؤثر في تطبيق العمل وفق الشريعة.
وعلى ضوء ذلك قال المحقّقون بحجية خبر الواحد العادل في الأحكام العمليّة دون الأُصول والعقائد ، لأنّه لا يفيد العلم واليقين الّذي هو أساس
__________________
(١). البقرة : ٢٥٦.
(٢). تفسير الكاشف : ١ / ٣٩٦.
(٣). الميزان : ٢ / ٣٤٢.