الثالثة : انّه سبحانه قد أخبر بأنّه يملأ جهنم بالجِنّة والناس لا برجله تعالى ، كما قال سبحانه : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)(١) ، وقال : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). (٢)
وعلى ذلك فالموعود هو امتلاء جهنم بهما ، وما هو المتحقّق إنّما هو امتلاء النار بوضع الرب رجله فيها ، فما وُعد لم يتحقّق ، وما تَحقّق لم يُعد.
الرابعة : هل لله سبحانه رجل أكبر وأوسع حتى تمتلئ بها نار جهنم إلى حدّ يضيق الظرف عن المظروف فينادي بقوله : قط قط؟!
فالحديث أشبه بالأُسطورة ، وقد صاغها الراوي في ثوب الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجنى به على الرسول وحديثه وسوّد صحائف كتب الحديث وصحيفة عمره ـ أعاذنا الله من الجهل المطبق ، والهوى المغري ـ.
ولا يتصوّر القارئ أنّ ما ذكرناه حديث شاذ بين أخبار الآحاد ، لا بل هناك أخبار كثيرة لو اعتمدنا عليها لجاءت العقيدة الإسلامية مهزلة للمستهزئين ، فإن كنت في شك فلاحظ الحديث التالي :
نزول الرب كلّ ليلة إلى السماء الدنيا
أخرج البخاري في صحيحه ، عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة :
إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يتنزّل ربنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : مَن يدعوني فأستجيب له ، مَن يسألني
__________________
(١). ص : ٨٥.
(٢). هود : ١١٩.