الإنسان منها ما بلغ ، احتاج في تنظيم حياته إلى تشريعات خاصة أزيد ممّا كان يحتاج إليها في الظروف الغابرة ؛ وبما أنّ الحضارة الإنسانية ما زالت تتوسّع وتتكامل ، فذلك يستتبع حاجة الإنسان إلى تشريعات جديدة تستنبط من الكتاب والسنّة مع سائر الأدلّة.
وهذان الأمران هما :
١. استغناء المسلم عن كلّ تشريع سوى تشريع السماء.
٢. تزايد الحاجة إلى التشريعات الجديد.
فهذان الأمران يفرضان على الفقيه الدقّة والإمعان في الكتاب والسنّة واستنطاقهما مع سائر الأدلّة في الحوادث المستجدّة ، وهذا هو نفس الاجتهاد الّذي فتح الله بابه على الأُمّة الإسلامية منذ رحيل الرسول إلى يومنا هذا.
ومن المعلوم أنّ استنطاق الأدلّة الأربعة يجب أن يكون تابعاً لنظام منطقي يصون المجتهد عن الخطأ في الاستنباط. وهذا هو علم أُصول الفقه فإنّ دوره هو تعليم المجتهد كيفية استنطاق الدليل الشرعي لاستنباط الحكم الإلهي في حقول مختلفة.
إنّ إغناء الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، عن كلّ تشريع سواه ، رهن اشتمالها على مادة حيوية وأُصول وقواعد عامّة تفي باستنباط آلاف من الفروع الّتي يحتاج إليها المجتمع البشري عبر القرون والأجيال.
وهذه الثروة العلمية من مواهبه سبحانه للأُمّة بين سائر الأُمم.
ومن المعلوم أنّ تبسيط المادة الحيوية وتهيئتها للإجابة على مورد الحاجة دون نظام خاص يسهّل إنتاج الأحكام الفرعية من هذه المواد والأُصول ، يوجد الفوضى في حقل الاستنباط.