فوزان علم الأُصول بالنسبة إلى الفقه ، وزان علم المنطق إلى الفلسفة ، فكما أنّ المنطق يعلّم الباحث كيفية الاستدلال والبرهنة على المسائل العقلية أو الكونية أو المعارف الإلهية ، فهكذا علم الأُصول يرشد المجتهد إلى كيفية ردّ الفروع إلى الأُصول.
المسلمون الأوائل والمسائل المستجدّة
واجه المسلمون في فتوحاتهم واحتكاكهم مع الأُمم الأُخرى مسائل وموضوعات مستجدّة لم يجدوا حلّها في الكتاب والسنّة بصراحة ـ مع العلم بكمال الدين في حقلي العقيدة والشريعة ـ فأخذ كلّ صحابي أو تابعي بالإجابة وفق معايير خاصّة ، دون أن يكون هناك منهج خاص يصبّ تمام الجهود على مورد واحد ، فمسّت الحاجة إلى تدوين أُصول وقواعد تضفي على الاجتهاد منهجية ونظاماً خاصاً يخرجه عن الفوضى في الإفتاء ، فعند ذلك جاء دور أُصول الفقه المتكفّل ببيان المنهج الصحيح للاستنباط.
جذور علم الأُصول في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام
إنّ أئمّة أهل البيت عليهمالسلام لا سيّما الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام أملوا على أصحابهم قواعد كليّة في الاستنباط يُقتنص منها قواعد أُصولية أوّلاً وقواعد فقهية ثانياً على الفرق المقرّر بينهما. وقد قام غير واحد من علماء الإمامية بتأليف كتاب في جمع القواعد الأُصولية والفقهيّة الواردة في أحاديث أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، ونخصّ بالذكر الكتب الثلاث التالية :
أ. الفصول المهمة في أُصول الأئمّة : للمحدّث الحرّ العاملي (المتوفّى ١١٠٤ ه ـ).