ب. تميّزت كتب هذه الطريقة بطابع عقلي واستدلالي استخدمت فيه أُصول مسلّمة في علم الكلام ، فترى فيها البحث عن الحسن والقبح العقليين وجواز تكليف ما لا يطاق وعدمه إلى غير ذلك.
ج. ظهر التأليف على هذه الطريقة في أوائل القرن الرابع.
يقول الشيخ أبو زهرة في وصف هذه المدرسة : «الاتّجاه الّذي سمّى أُصول الشافعيين أو أُصول المتكلّمين كان اتّجاهاً نظرياً خالصاً وكانت عناية الباقين فيه متّجهة إلى تحقيق القواعد وتنقيحها من غير اعتبار مذهبيّ ، بل يريدون انتاج أقوى القواعد سواء أكان يؤدّي إلى خدمة مذهبهم أم لا يؤدّي ـ إلى أن قال ـ وقد كثرت في هذا المنهاج ، الفروض النظرية والمناحي الفلسفية والمنطقية ، فتجدهم قد تكلّموا في أصل اللغات ، وأثاروا بحوثاً نظرية ، ككلامهم في التحسين العقلي والتقبيح العقلي ، مع اتّفاقهم جميعاً على أنّ الأحكام في غير العبادات معلّلة معقولة المعنى ، ويختلفون كذلك في أنّ شكر المنعم واجب بالسمع وبالعقل ، مع اتّفاقهم على أنّه واجب ، وهكذا يختلفون في مسائل نظرية لا يترتب عليها عمل ، ولا تسن طريقاً للاستنباط ، ومن ذلك اختلافهم في جواز تكليف المعدوم. (١)
بل إنّهم لم يمتنعوا عن أن يخوضوا في مسائل من صميم علم الكلام ، ولا صلة لها في الفقه إلّا من ناحية أنّ الكلام فيها كلام في أصل الدين ، ومن ذلك كلامهم في عصمة الأنبياء قبل النبوّة ، فقد عقدوا فصلاً تكلّموا فيه في عصمة الأنبياء قبل النبوة». (٢)
ثمّ أضاف وقال : وإنّ ذلك الاتّجاه أفاد علم الأُصول في الجملة ، فقد كان
__________________
(١). الإحكام في أُصول الأحكام للآمدي : ١ / ٢١٩.
(٢). أُصول الفقه لأبي زهرة : ١٦.