البحث فيه لا يعتمد على تعصّب مذهبي ، ولم تخضع فيه القواعد الأُصولية للفروع المذهبية ، بل كانت القواعد تدرس على أنّها حاكمة على الفروع ، وعلى أنّها دعامة الفقه ، وطريقة الاستنباط ، وأنّ ذلك النظر المجرد قد أفاد قواعد أُصول الفقه ، فدُرِسَتْ دراسة عميقة بعيدة عن التعصّب في الجملة ، فصحبه تنقيح وتحرير لهذه القواعد ، ولا شكّ أنّ هذه وحدها فائدة علمية جليلة ، لها أثرها في تغذية طلاب العلوم الإسلامية بأغزر علم وأدقه. (١)
وسوف توافيك قائمة بأسماء بعض الكتب التي أُلّفت على هذا المنهاج مع الإشارة إلى المسائل الّتي لا تقع ذريعة لاستنباط الحكم الشرعي.
طريقة الفقهاء
وهناك طريقة أُخرى تمتاز بما يلي :
أ. إنّها تنظر إلى أُصول الفقه نظرة آلية ، بمعنى أنّ الملاك في صحّة الأُصول وعدمه هو مطابقتها للفروع التي عليها إمام المذهب ، فكانوا يقرّرون القواعد الأُصولية طبقاً لما قرّره أئمّة المذهب في فروعهم الاجتهادية الفقهية ، وتكون القاعدة الأُصولية منسجمة مع الفروع الفقهية ، فلو خالفتها لما قام لها وزن وإن أيّده البرهان وعضده الدليل ؛ فتجد كثرة التخريج تشكّل الطابع العام في كتبهم التي أُلفت على هذه الطريقة.
ب. خلو هذه الطريقة من الأساليب العقلية والقواعد الكلامية.
ج. ظهور هذه الطريقة في أوائل القرن الثالث ، وأوّل من ألّف على هذا الأُسلوب هو عيسى بن أبان بن صدقة الحنفي (المتوفّى ٢٢٠ ه ـ).
__________________
(١). أُصول الفقه لأبي زهرة : ١٧.