للوجوب كالوقت بالنسبة إلى الصلاة ، فما لم يدخل الوقت لا وجوب أصلاً. ولكنّه في الواجب المعلّق قيد للواجب ، فالوجوب حالي لكن الواجب مقيد بوقت متأخر.
وهذا نظير مَن استطاع الحج ، فوجوب الحج مشروط بالاستطاعة ، فلا وجوب قبلها وبحصولها يكون الوجوب فعلياً ولكن الواجب استقبالي مقيّد بظرفه ، أعني : أشهر الحجّ.
ويترتّب على التقسيم ثمرات مذكورة في محلّها ، ونقتصر على ذكر ثمرة واحدة.
إنّ تحصيل مقدّمة الواجب المشروط غير لازم ، لأنّ وجوب المقدّمة ـ عند القوم ـ ينشأ من وجوب ذيها ، فإذا كان ذو المقدّمة غير واجب فلا تجب مقدّمته شرعاً فلا يجب تحصيلها.
هذا بخلاف مقدّمة الواجب المعلّق ، فبما أنّ الوجوب فعلي ـ بحصول الاستطاعة ـ يجب تحصيل مقدّمات الحج وإن كان الواجب استقبالياً.
٢. دلالة الأمر والنهي على الوجوب والحرمة
لقد بذل الأُصوليون جهودهم في إثبات دلالة الأمر والنهي على الوجوب والحرمة ، دلالة تضمنيّة أو التزامية ، وطال النقاش بين الموافق والمخالف ، ولكن المتأخّرين من الإمامية دخلوا من باب آخر ، وهو أنّ السيرة المستمرة بين العقلاء هي : أنّ أمر المولى ونهيه لا يترك بدون جواب ـ رغم عدم دلالتهما على الوجوب والحرمة لفظاً ـ وكيفية الجواب عبارة عن لزوم الإتيان في الأوّل والترك في الثاني. وهو عبارة عن الوجوب والحرمة.