الإنسان ، وانّه هل يسوّي بين المفسدين والمتّقين ، والمسلمين والمجرمين ، كما يتّخذ من الوجدان قاضياً ، ويقول : (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)، ويقول أيضاً : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ).
وهناك آيات أُخرى تأمر بالمعروف كالعدل والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي على نحو تسلِّم أنّ المخاطب يعرفهما معرفة ذاتية ، ولا يحتاج في تعرفهما إلى الشرع ، وكأنّ الشرع يؤكد ما يجده الإنسان بفطرته.
ويقول سبحانه :
١. (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). (١)
٢. (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ). (٢)
٣. (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ). (٣)
نظرية الأشاعرة
ثمّ إنّ الأشاعرة عطَّلوا دور العقل في درك الحسن والقبح ، فقالوا : إنّ المرجع في الحسن والقبح هو الشرع ، فما حسّنه الشارع فهو حسن ، وما أخبر عن قبحه فهو قبيح ، وليس للعقل المقدرة على تمييز الحسن عن القبيح.
هذا ، وقد ذهلوا عن أنّ القول بكون الحسن والقبح شرعيين ، وأنّهما لا يثبتان إلّا بالشرع ، يستلزم عدم ثبوتهما حتّى بالشرع أيضاً ، وذلك لأنّه إذا كان العقل عاجزاً عن درك محاسن الأفعال ومساوئها ومن ثمّ «عن حسن الصدق»
__________________
(١). النحل : ٩٠.
(٢). الأعراف : ٣٣.
(٣). الأعراف : ١٥٧.