٧. الإطلاق فرع كون المتكلّم في مقام البيان
إذا وقع لفظ كلّي تحت دائرة الحكم ـ كما إذا قال : أعتق رقبة ـ يحكم الفقهاء بأنّ الموضوع مطلق ، فلا فرق في مقام الامتثال بين كونها مؤمنة أو كافرة. فجعلوا دلالة المطلق على الاجتزاء بكلّ فرد منه ، دلالة عقلية بمعنى أنّ الموضوع عند المشرّع هو ذات المطلق ، فلو كان الموضوع مركباً من شيئين : المطلق وقيده ، لزم أن يركّز عليه المشرّع ، فسكوته دليل على عدم مدخليته.
لكن الركن الركين في جواز التمسّك بالمطلق ـ عند الإمامية ـ كون المتكلّم في مقام بيان للموضوع من جزء أو شرط ولو لا إحرازه لم يتم التمسّك بالمطلق ، وعلى هذا فلو قال : الغنم حلال ، لا يصحّ التمسك بإطلاقه لإثبات حليّة مطلق الغنم (مملوكه ومغصوبه ، جلّاله وغيره ،) وبحجّة انّ المتكلّم اتّخذ الغنم موضوعاً لحكمه وهو صادق على القسمين ، ذلك لأنّ المتكلّم بصدد بيان حكم الغنم بما هو هو ، لا بما إذا اقترن مع العوارض.
نرى أنّ بعض الفقهاء أفتوا بجواز أكل ما أمسكته كلاب الصيد دون وجوب أن يغسل مواضع عضّها ، تمسّكاً بقوله سبحانه : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ)(١) ولم يقل فكلوا بعد غسل مواضع العض.
ولكن التمسّك بإطلاق الآية غفلة عن الشرط اللازم للمطلق ، أعني : كون المتكلّم في مقام البيان فليست الآية إلّا بصدد بيان حلّية ما اصطادته الجوارح ، وأنّه ليس من مقولة الميتة ، وأمّا أنّه يؤكل بغير غسل ، أو معه فليست الآية في مقام بيانه حتّى يستدلّ بسكوته على عدم شرطيّته.
__________________
(١). المائدة : ٤.