وبالتدبّر في هذا الأصل يظهر بطلان كثير من التمسّكات بالإطلاق في كثير من أبواب الفقه وهو غير صالح للتمسّك.
٨. الملازمات العقلية
لقد طال البحث في دلالة الأمر على وجوب المقدّمة والنهي على حرمة مقدّمته وحاول كثير من الأُصوليين إثبات الدلالة اللفظية بنحو من الأنحاء الثلاثة ، ولكن الإمامية طرقوا باباً آخر في ذلك المجال وانتهوا إلى نفس النتيجة لكن من طريق أوضح ، وهو : وجود الملازمة العقلية بين إرادة الشيء وإرادة مقدّمته ، من غير فرق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية ، فكما أنّ إرادة الصعود إلى السطح لا تفارق إرادة تهيئة السلّم واستخدامه ، فهكذا الإرادة التشريعية بمعنى تعلّق إرادته بصعود الغير إلى السطح.
وقد استفاد الأُصوليّون من هذه القاعدة ـ الملازمة العقلية ـ في غير واحد من أبواب أُصول الفقه ، كالملازمة بين الأمر بالشيء وإجزائه عن الإتيان به ثانياً ، والنهي عن العبادات وفسادها ، والنهي عن المعاملات وفسادها عند تعلّق النهي بما لا يجتمع مع صحتها ، كالنهي عن أكل ثمنها ، كما إذا قال : ثمن الميتة سحت ، أو ثمن المغنّية سحت ، فللملازمات دور كبير في استنباط الأحكام.
٩. التعارض والتزاحم والفرق بينهما
إنّ التنافي بين الدليلين إذا كان راجعاً إلى مقام الجعل والإنشاء بأن يستحيل من المقنّن الحكيم ، صدورُ حكمين حقيقيين لغاية الامتثال فهو المسمّى بالتعارض ، مثلاً يستحيل جعل حكمين باسم : «ثمن العذرة سحت ، ولا بأس ببيع العذرة» ، فلو كان تنافي الخبرين من تلك المقولة ، فهذا ما يبحث عنه في باب