الاستنشاق أو المضمضة إلى الوضوء ، وذلك لأنّ المحصِّل وإن كان مركّباً ذا أجزاء منحلا إلى ما علم وجوبه كالغسلات والمسحات وإلى ما شكّ في وجوبه كالمضمضة والاستنشاق ، وهو في حدّ نفسه قابل لإجراء البراءة عن وجوده ، ولكن بما أنّ تعلّق الوجوب بالطهور بمعنى الطهارة النفسانية وهو أمر بسيط لا يتجزأ ولا يتكثر ، فلا تقع مجرى للبراءة ، بل العقل يبعث المكلّف إلى تحصيلها بالقطع والجزم ، لأنّ الاشتغال اليقيني بهذا الأمر البسيط يقتضي البراءة اليقينية ، ولا تحصل البراءة القطعية إلّا بضمّ الاستنشاق والمضمضة إلى سائر الواجبات والإتيان بهما رجاءً واحتمالاً.
١٤. تقدّم الأصل السببي على المسببي
كثيراً ما يتصوّر أنّ أحد الأصلين معارض للأصل الآخر ، وهذا صحيح إذا كان الأصلان في درجة ورتبة واحدة ، وأمّا إذا كان أحد الأصلين متقدّماً رتبة على الآخر وكان الأخذ بأحدهما رافعاً للشكّ في الجانب الآخر فيؤخذ بالمتقدّم ويطرح الآخر ، وملاك التقدّم هو كون الشكّ في أحد الأصلين ناشئاً عن الشكّ في الأصل الآخر ، فإذا عملنا بالأصل في جانب السبب يرتفع الشك عن الجانب المسبب حقيقة ، ولنذكر مثالاً :
إذا كان هناك ماء طاهر شككنا في طروء النجاسة عليه ، ثمّ غسلنا به الثوب النجس قطعاً ، فربّما يتصوّر تعارض الأصلين ، فإنّ مقتضى استصحاب طهارة الماء هو كون الثوب المغسول به طاهراً ، ومقتضى استصحاب نجاسة الثوب كون الماء نجساً فيقال : تعارض الاستصحابين.
ولكن الأُصولي الإمامي يقدّم استصحاب طهارة الماء على استصحاب