١٦. استصحاب الزمان والزمانيات
لمّا كان الاستصحاب عند الإمامية أصلاً من الأُصول ، ودلّ على حجّيته الأحاديث الصحيحة ، ذكروا حوله بحوثاً علمية جليلة ، منها التقسيم التالي :
١. استصحاب الزمان : ما إذا كان الزمان معنوناً بعنوان وجودي ، ككونه ليلاً أو نهاراً.
٢. استصحاب الأمر غير القار بالذات : وهذا كالحركة وجريان الماء وسيلان الدم وبقاء التكلم والمشي إذا شكّ في بقائها ، فإنّ ذات الأفعال في هذه المسألة أُمور متدرجة بالذات متقضية بالطبع.
٣. استصحاب الأمر القار بالذات المقيد بالزمان : وهذا كالجلوس في المسجد إلى الظهر.
والغاية من هذا التقسيم هو أنّ روح الاستصحاب هو إبقاء ما كان ، وهذا لا يتصوّر إلّا في القسم الثابت مع أنّ المستصحب في كلّ من الأقسام الثلاثة غير ثابت.
أمّا الليل والنهار فهي أُمور زمانية والزمان لا يتصوّر فيه البقاء ، وأمّا الأُمور الوجودية المزيجة بالزمان كالحركة وجريان الماء فهي أيضاً كالأُمور الزمانية (الليل والنهار) لأنّ المفروض أنّ الحركة أمر غير قارّ بالذات.
ومنه يظهر حال القسم الثالث فإنّ الجلوس وإن كان قاراً بالذات لكن تقيده بالزمان يجعله مثله.
ومع هذا فقد ذكر المحقّقون وجوهاً لجريان الاستصحاب فيها بتصوير أنّ بقاء كلّ شيء بحسبه وأنّ للزمان والزمانيات والأُمور المقيدة بالزمان بقاءً وثباتاً عرفية مشروحة في محلها.