احتمالاً أو احتمالات تمنع من استكشاف الحسن والقبح ، من مجرّد سماع الأمر بشيء والنهي عنه ، إذ من المحتمل أن يكون الشارع عابثاً في أمره ونهيه ، ولو قال : إنّه ليس بعابث ، لا يثبت به نفي احتمال العبث عن فعله وكلامه ؛ لاحتمال كونه هازلاً أو كاذباً في كلامه.
فلأجل ذلك يجب أن يكون بين الإدراكات العقلية شيء لا يتوقّف درك حسنه وقبحه على شيء ، وأن يكون العقل مستقلاً في دركه ، وهو حسن العدل وقبح الظلم وحسن الصدق وقبح الكذب ، حتّى يستقلّ العقل في ظلِّه بإدراك أنّ كلّ ما حكم به الشرع فهو صادق في إخباره أو مريد لا هازل في إنشائه ، فيثبت عندئذ أنّ ما تعلّق به الأمر حسن شرعاً ، وما تعلّق به النهي قبيح شرعاً ، وهذا ما يهدف إليه المحقّق الطوسي من أنّه لو لا استقلال العقل بإدراك حسن أو قبح بعض الأفعال ما ثبت حسن ولا قبح بتاتاً.
بعض الأحكام المستنبطة من هذا الأصل
إنّ هذا الأصل الّذي عليه العدلية ، يحتجّ به في الأُصول في الموارد التالية :
١. البراءة من التكليف المحتمل ؛ لقبح العقاب بلا بيان.
٢. الاشتغال بالتكليف عند العلم الإجمالي وتردّد المكلّف فيه بين أمرين ، لحكمه بأنّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية وحسن عقوبة من لم يخرج عن عهدة التكليف القطعي على وجه اليقين.
٣. الإتيان بالمأمور به مُجز عن الإعادة والقضاء ، لقبح بقاء الأمر بعد الامتثال.
٤. مرجّحات باب التزاحم.