١. انّ مقتضى قوله سبحانه : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما). (١)
هو قطع يد السارق من دون فرق بين عام الرخاء والمجاعة ، لكن نقل عن عمر عدم العمل به في عام المجاعة.
٢. يقول سبحانه : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ). (٢)
وقد نقل عن مالك بن أنس إخراج الأُم ، الرفيعة المنزلة التي ليست من شأن مثلها أن تُرضع ولدها.
يلاحظ عليه : بأنّ التفريق بين عام المجاعة وغيره ، أو بين الأُمّهات ، إن كان مستنداً إلى دليل شرعي ـ لا أقلّ من انصراف الدليل عن عام المجاعة ، أو الأُم الرفيعة المنزلة ـ فهو ، وإلّا فلا وجه لصرف الحكم عنهما ، لأنّ ذمّة المجتهد رهن إطلاق الدليل الأوّل ، فلا يجوز له العدول عن مقتضى دليله إلى حكم آخر بمجرّد الاستحسان وموافقته لطبعه ، بل لا بدّ من دليل شرعي يعتمد عليه في العدول ، وعلى ضوء ذلك فالعدول لو كان مستنداً إلى دليل شرعي فهو عدول من حجّة إلى حجّة أقوى ، سواء استحسنه الطبع أم لا ، وإن لم يكن كذلك فهو تشريع محرّم.
وبذلك يظهر أنّ الاستحسان بما هو استحسان ليس له قيمة في مجال الإفتاء ، بل الاعتبار بالدليل ، فلو كان هناك دليل للعدول فالمنكر والمثبت للاستحسان أمامه سواء ، وإن لم يكن فلا وجه للعدول.
٣. هو العدول عن حكم اقتضاه دليل شرعي في واقعة إلى حكم آخر فيها ، لدليل شرعي اقتضى هذا العدول ، وهذا الدليل الشرعي المقتضي للعدول هو سند
__________________
(١). المائدة : ٣٨.
(٢). البقرة : ٢٣٣.