الاستحسان. (١)
أقول : إذا كان ثمة دليل معتبر على العدول فلا عبرة بالاستحسان حتى يكون الدليل سنداً وعماداً له. ويكون استخدام لفظ «الاستحسان» في المقام غير صحيح ، لأنّ الفقيه إمّا يعتمد على دليل شرعي ، فالحجّة هو الدليل سواء استحسنه المجتهد أم لا ، وإلّا فلا قيمة له بمجرد أنّ الفقيه يميل إليه بطبعه.
وقد كان مالك بن أنس أكثر الناس أخذاً به ، حيث قال : الاستحسان تسعة أعشار العلم ؛ وكان الشافعي رافضاً له ، حيث قال : من استحسن فقد شرّع ؛ إلى ثالث يفصِّل بين الاستحسان المبني على الهوى والرأي ، والاستحسان المبني على الدليل.
والقول الحاسم في الاستحسان هو أن يقال : إنّ المجتهد المستحسِن إذا استند إلى ما يستقل به العقل من حسن العدل وقبح الظلم ، أو إلى دليل شرعي ، فلا إشكال في كونه حجّة ، لأنّه أفتى بالدليل ، لا بمجرّد الاستحسان ، وأمّا إذا استند لمجرد استحسان طبعه وفكره ، وأنّ الحكم الشرعي لو كان كذا لكان أحسن ، فهو تشريع باطل ، وإفتاء بما لم يقم عليه دليل شرعي.
__________________
(١). عبد الوهاب الخلاف : مصادر التشريع الإسلامي : ٧١.