إذا اشتري شخص غنماً من رجل بعشرة إلى أجل ، ثمّ باعها منه بثمانية نقداً ، فقد صار مآل هذا العمل مقدّمة لأكل الربا ، لأنّ المشتري أخذ ثمانية ، ودفع عشرة عند حلول الأجل ، فالقائل بسدّ الذرائع يمنع البيع الأوّل تجنباً عن الربا. (١)
إذا عرفت هذا فنقول :
إنّ سدّ الذرائع ليس مصدراً فقهياً مستقلاً في إطلاقاته الثلاثة.
أمّا الأوّل ، فهو داخل في المبحث المعروف من الملازمة بين حكم ذي المقدّمة ومقدّمته ، فلو كانت ذريعة للواجب أو للمستحب أو للحرام توصف بحكمه على القول بالملازمة بين وجوب الشيء أو حرمته وبين وجوب مقدّمته أو حرمته. ويكون سدّ الذرائع عنواناً آخر لحكم المقدّمة الذي يبحث عنه في الأُصول.
كما أنّ الذريعة بالمعنى الثاني تدخل في الإعانة على الإثم وتكون محكومة بحكمها ، يقول سبحانه : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ). (٢)
وأمّا الثالث فهو داخل في فتح الذرائع وسيأتي حكمه فيه.
وبذلك تبيّن أنّه ليس سدّ الذرائع مصدراً فقهيّاً مستقلاً ، بل هو داخل في أحد العنوانين (حرمة مقدّمة الحرام ، أو حرمة الإعانة بالإثم).
وقد أكثرت المالكية والحنابلة من إعماله خلافاً للحنفية حيث حلّ فتح الذرائع ـ عندهم ـ مكانها كما سيوافيك.
__________________
(١). الموافقات : ٤ / ١١٢.
(٢). الأنعام : ١٠٨.