علّة ، هو علّة تامّة يدور الحكم مدارها ، إذ يحتمل أن يكون هناك مانع من حكم الشرع على وفق ما أدركه العقل.
يقول المحقّق الأصفهاني : إنّ مصالح الأحكام الشرعية المولوية التي هي ملاكات تلك الأحكام ومناطاتها ، لا تدخل تحت ضابطة ، وعليه لا سبيل للعقل بما هو إليها. (١)
والحاصل : أنّه لا يصحّ للفقيه أن يتّخذ ما أدركه من المصالح والمفاسد ذريعة لاستكشاف الحكم الشرعي من الوجوب والحرمة حتّى يكون من مصادر التشريع.
أضف إلى ذلك أنّ المصالح والمفاسد لمّا لم تكن على وزان واحد ، بل ربّ واجب يسوغ في طريق إحرازه اقتراف بعض المحرمات ، لاشتماله على مصلحة كثيرة لا يجوز تركها بحال ، كإنقاذ الإنسان المتوقّف على استطراق أرض الغير ، بلا إذنه ، وربّ حرام ذي مفسدة كبيرة لا يجوز اقترافه وإن استلزم ترك الواجب أو الواجبات ، فأنّى للعقل درك درجة المصلحة والمفسدة حتّى يكون مصدراً للتشريع والحكم بالوجوب والحرمة في عامة الحالات؟
إلى هنا تمّ بيان المجالات التي للعقل فيها دور في استكشاف الحكم الشرعي.
إذا عرفت ذلك فلندخل في مقالة الأخباريّين التي صارت سبباً للغور في هذا البحث.
__________________
(١). نهاية الدراية : ٢ / ١٣٠ ، الطبعة الحجريّة.