والذي نظنّ أن يكون هو السبب الواقعي لظهور تلك الفرقة هو ما يلي :
سبب ظهور الفكر الأخباري
إنّ أصحاب الصادقين عليهماالسلام ومن بعدهم كانوا على قسمين ، فقد كانوا بين مُكب على جمع الأخبار وقراءتها وتصحيحها وجمعها في أصل أو كتاب دون أن يستنطقوا العقل في المعارف والمسائل العقليّة والأُصوليّة ، وبين آخذ بالنقل والعقل معاً ، ونذكر من القسم الثاني : زرارة بن أعين ، ويونس بن عبد الرحمن ، والفضل بن شاذان ، وغيرهم ، وكان الأكثر على الخط الأوّل ، وقد استمرّ الخطّان إلى عصر الغيبة ، فابن الجنيد وابن أبي عقيل ومن تلاهم إلى عصر الشيخ المفيد وتلميذيه المرتضى والطوسي كانوا على خط الجمع بين العقل والنقل ، وعند التعارض كانوا يقدّمون العقل القطعي على النقل الظنّي.
وقد امتد الخط الأوّل إلى القرن الخامس ، وبعده انحسر أمام ازدهار الخط الثاني وكانت القوة للمنهج الثاني إلى القرن العاشر.
وبهذا يُعلم المراد من «الأخباري» في لسان العلّامة ومن قبله ؛ وهو الخبير بالأخبار والمدوّن والناشر لها ، دون أن يكون هناك منهج باسم الأخبارية أمامَ منهج الآخرين ، نعم كان للطائفة الأُولى عقائد خاصة في بعض المسائل اعتمدوا فيها على بعض الروايات ، فنقلها الصدوق في كتاب العقائد ونقدها الشيخ المفيد في كتاب تصحيح العقائد.
إنّ الأمين الاسترآبادي تصور أنّ الخط الأوّل كان منهجاً منسجماً تام الأركان في عصر الأئمة وبعدهم ، ولكن غلب عليهم عصر الاجتهاد وصار الأمين بصدد إحيائه وبسطه ، وأسماه بالأخبارية ، وألقى فكرة الإحياء بصورة البرهان ونقد أُسس