الأُصوليين ، ثمّ إنّه تكاملت الفكرة الأخبارية بعد عصر الأمين بيد تلاميذ منهجه إلى أن عاد منهجاً متكاملاً يفارق الأُصوليين في أربعين مسألة أو بضع أُصول.
ومما نلفت إليه النظر أنّ الأمين مؤسس هذا المنهج ممّن يؤكّد على الحس والعلوم الّتي تكون مبادئُها قريبة من الحس ، ويندِّد بالعلوم النظرية الّتي تكون مبادئُها بعيدة عنه ، قائلاً : إنّ العلوم النظرية قسمان :
قسم ينتهي إلى مادّة قريبة من الإحساس ، ومن هذا القسم علم الهندسة والحساب وأكثر أبواب المنطق ، وهذا القسم لا يقع فيه الخلاف بين العلماء والخطأ في نتائج الأفكار ، والسبب في ذلك أنّ الخطأ في الفكر إمّا من جهة الصورة ، أو من جهة المادة ، والخطأ من جهة الصورة لا يقع من العلماء ، لأنّ معرفة الصورة من الأُمور الواضحة عند الأذهان المستقيمة ، والخطأ من جهة المادة لا يتصوّر في هذه العلوم لقرب الموارد فيها إلى الإحساس.
وقسم ينتهي إلى مادة بعيدة عن الإحساس ؛ ومن هذا القسم الحكمة الإلهية والطبيعية وعلم الكلام وعلم أُصول الفقه والمسائل النظرية والفقهية وبعض القواعد المذكورة في كتب المنطق.
ثمّ استشهد بوقوع الاختلافات بين الفلاسفة. (١)
والعجب أنّ تلك الفكرة (الرجوع إلى الحس والانكباب عليه) والابتعاد عن النقل والنظر بدأت في الغرب قريباً من عصر الأمين ، حيث رفع رايتها علماء تجريبيون ، نظير ديكارت (١٥٩٦ ـ ١٦٥٠ م) ، ومن البعيد أن يكون هناك صلة بين الفريقين.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى توضيح مقالة الأخباريّين حول منع العمل
__________________
(١). الفوائد المدنية : ١٣٠.