هذا كلّه حول الثبوت ، وقد عرفت إمكان المنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة. بقي الكلام في المقام الثاني :
المقام الثاني : في ورود المنع عن العمل أو عدمه
ذهبت الأخبارية إلى ورود المنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة ، وقد استدلّوا بطوائف ثلاث من الروايات سيوافيك الكلام فيها.
وربّما يستدلّ لهم بالدليل العقليّ ولنقدّم هذا القسم على الأدلّة النقلية.
الأوّل : احتمال سعة مناط الحكم عند العقل
إنّ العقل وإن كان يدرك الجهات المحسّنة والمقبّحة ، إلّا أنّه من الممكن أن تكون لتلك الجهات موانع ومزاحمات في الواقع وفي نظر الشارع ، ولم يصل العقل إليها ؛ إذ ليس من شأن العقل ، الإحاطة بالواقع. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره خلاف المفروض ، لأنّ الكلام فيما إذا حكم العقل بحكم قطعي على موضوع بما هو هو ، كقبح الظلم وخيانة الأمانة ، أو كقبح ترجيح المهم على الأهمّ ، وعندئذ لا يحتمل أن يكون للحكم مانع في الواقع أو شرط عند الشارع ، فما ذكره خارج عن محط البحث.
نعم لو احتمل العقل أحد هذه الأُمور لم يحكم بحكم باتّ.
الثاني : جواز خلو الواقعة من الحكم
يجوز أن لا يكون للشارع فيما حكم فيه العقل بالوجوب أو الحرمة ، حكم
__________________
(١). فوائد الأُصول : ٣ / ٦٠ ناقلاً عن كتاب الفصول.