الطائفة الثانية : ما يدلّ على عدم حجّية الرأي
وهناك طائفة أُخرى تدلّ على عدم حجّية الرأي ، فقد روي عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال : «إنّ المؤمن أخذ دينه عن ربّه ولم يأخذه عن رأيه». (١)
وروى ابن مسكان ، عن حبيب قال : قال لنا أبو عبد الله عليهالسلام : «ما أحد أحبّ إليّ منكم ، إنّ الناس سلكوا سبلاً شتّى ، منهم من أخذ بهواه ، ومنهم من أخذ برأيه ، وإنّكم أخذتم بأمر له أصل». (٢)
يلاحظ عليه : أنّ المراد من الرأي هو الإفتاء بغير دليل قطعي أو سنّة صحيحة بشهادة قول أبي جعفر عليهالسلام : «من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم». (٣)
ولذلك يوصف أصحاب القياس بأصحاب الرأي كأبي حنيفة ومدرسته.
روى الدميري عن بعض أصحاب أبي حنيفة أنّه سمع عن أبي حنيفة أنّه يقول : ما جاء عن رسول الله فعلى الرأس والعين ، وما جاء عن الصحابة اخترناه ، وما كان غير ذلك فهم رجال ونحن رجال.
وعن أبي حنيفة أنّه قال : علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه ، فمن جاء بأحسن منه قبلناه. (٤)
وعلى ذلك يحمل قوله عليهالسلام : «من قال بالقرآن برأيه فقد أخطأ».
أي : قال فيه قولاً غير مستفاد من كتاب ولا سنّة ولا من دليل يعتمد عليه ، بل قال برأيه حسب ما يقتضيه أمره ويذهب إليه وهمه بالظن والتخمين.
__________________
(١). الوسائل : ١٨ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١ ، ٣١ ، ١٢.
(٢). الوسائل : ١٨ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١ ، ٣١ ، ١٢.
(٣). الوسائل : ١٨ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١ ، ٣١ ، ١٢.
(٤). حياة الحيوان : ٢ / ١٠٣ ؛ الملل والنحل للشهرستاني : ١ / ٣٣٨.