١. نفي الشأنية وانّه غير لائق بمقامه سبحانه ، مثل قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ). (١) والمراد من الإيمان الصلاة إلى البيت المقدس ، فأطلق الإيمان وأُريد به العمل.
٢. نفي الإمكان ، مثل قوله سبحانه : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ). (٢) والمراد نفي الإمكان الذاتي لاستحالة وجود الممكن (الموت) بلا علّته التامة وهي إرادته سبحانه.
وعلى ضوء ذلك فالمراد من قوله (ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) وقوله : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى) إمّا نفي الشأنية وانّه أجلّ من أن يرتكب هذا الأمر القبيح ، (التعذيب بلا بيان).
أو نفي الإمكان الوقوعي لا الذاتي ، فانّ التعذيب قبل البيان بملاحظة ما لله سبحانه من صفات الحكمة أو العدل ، لا يصدر منه ولا يقع.
وإن أردت إرجاع المعنيين إلى معنى واحد فلا مشاحّة.
فبهذه الأُمور الثلاثة ، يتّضح أنّ ملاك الاحتجاج عند العقل على العباد ، هو البيان الواصل ، لا البيان المشكوك ، وتكون البراءة العقلية في الشبهات الوجوبية أو التحريميّة أصلاً راسخاً لا تحركه العواصف.
فإن قلت : سلّمنا انّه لا يجوز العقاب إلّا عند البيان ، ولكنّه لا ينحصر البيان بالقسم القطعي ، بل يعمّ الظنّي والاحتمالي ، فالظن بالتكليف أو احتماله ، نوع بيان له.
__________________
(١). آل عمران : ١٤٣.
(٢). آل عمران : ١٤٥.