البراءة العقلية. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه أي صلة بين كون المولوية ذاتية غير مجعولة نابعة من خالقيته ومنعميّته وبين سعة الاحتجاج في صورة الشكّ في التكليف وعدم قيام الحجّة على العبد. فيمكن أن تكون مولويته وسيعة ، لكن يكون حقّ الطاعة مضيّقاً ، وذلك لأنّ سعة المولوية ، تابعة ، لسعة ملاكها وهو كونه سبحانه في عامة الحالات خالقاً موجداً للعبد من العدم إلى الوجود فهو مولى العباد في جميع الأحوال.
وأمّا سعة الطاعة وضيقها فليسا تابعين لسعة المولوية وضيقها ، بل تابعة لصحّة الاحتجاج على العبد عقلاً وعدمها. وقد عرفت اختصاصها بصورة وجود موضوع الطاعة.
وبعبارة ثانية : انّ جعل سعة الطاعة وضيقها ، مترتبين على سعة المولوية وعدمها غير صحيح ، فإنّ السعة والضيق في مجال الطاعة تابعان لصحّة الاحتجاج وعدمها ، فإن قلنا بأنّه يصحّ الاحتجاج على العبد في كلّ الأحوال الثلاثة : القطع والظن والشك ، وجب على العبد الطاعة من دون حاجة إلى ملاحظة سعة مولويته أو ضيقها.
وأمّا لو قلنا بعدم صحّة الاحتجاج على العبد إلّا فيما تمت الحجّة فيه على العبد ، فلا يصحّ الاحتجاج في صورة الظن والشكّ ، وإن كانت مولويته وسيعة.
والشاهد على ذلك أنّه ربما تفترق المولوية ، عن حقّ الطاعة والتنجيز في صورة القطع بالخلاف ، فالمولوية ثابتة حتّى مع الجهل المركب ولا يمكن سلبها
__________________
(١). بحوث في علم الأُصول : ٥ / ٢٤ ، مباحث الأُصول العملية.