إباحة المنفعة أو تمليكها في العارية مشروطا بصحة العارية ، والله العالم (١).
المقام الثالث
في بيان الأمور المهمة التي تتعلق بالموجبة والسالبة.
وهاهنا جهتان.
الجهة الأولى : في شرح ألفاظها ، على وجه تصلح ، ضابطا جامعا لجملة من موارد الضمان المستفادة من أسبابه ، فنقول : أما (كل) فيحتمل أن تكون لعموم الأنواع ، ويحتمل أن تكون لعموم الأفراد ويحتمل أن تكون لعموم الأصناف.
أما الاحتمال الأول فغير ممكن ، لأن العارية مثلا بطبعها لا تقتضي الضمان ، لكن عارية الذهب والفضة والعارية المشروطة تقتضيه. والصلح مثلا بطبعه معناه إنشاء المسألة ، والضمان أمر خارج عنه. ولكنه إذا كان عوضيا كان فيه ضمان ، وإذا كان مجانيا لم يكن فيه ضمان. والهبة بطبعها لا ضمان فيها. والمعوضة فيها ضمان ، والإجارة بطبعها لا تقتضي ضمان العين لكونها أمانة ولكونها واقعة على المنفعة ، ولكنها بالشرط تقتضيه .. فإن هذه الأمور بنوعها لا ضمان في صحيحها ، لما ذكرناه. فينبغي أن يكون فاسدها كذلك ، مع أن أسباب الضمان توجب الضمان في فاسد الصلح العوضي والهبة المعوضة والعارية المضمونة والعين المستأجرة التي اشترط ضمانها. وأيضا يلزم ثبوت الضمان في البيع بلا ثمن ، والإجارة بلا أجرة ، لأن نوعها مضمن مع أنهم قد لا يلتزمون به ، وأيضا يلزم الضمان لو علم البائع بالفساد وجهل المشترى به في العقود التي يكون صحيحها مضمنا كالبيع والإجارة وغيرهما ، مع أن غير واحد من الفقهاء لا يلتزمون بذلك.
وإما الاحتمال الثاني فكذلك ، لأن الفرد بما هو فرد لا يتصف بالصحة
__________________
(١) حرر ضحى الأحد ١٤ جماد الأول سنة ١٣٨٢ ه. في الكويت في دار العلامة السيد عباس المهري التي استؤجرت لأن نقيم فيها مدة وجودنا في الكويت.