لتهيؤ المحل فتكون سببيته سببية مجازية. وقد ظهر أن الأمر فيها دائر بين جعلها سببية في الموضعين ، أو ظرفية فيهما ، أو سببية في الأول وظرفية في الثاني ولا سبيل للعكس ومقتضى وحدة السياق انتفاء الأخيرين ودوران الأمر بين الأولين. والمتعين الظرفية بقرينة عدم سببية الفساد للضمان ووحدة السياق ، فتأمل ..
وأما الصحة والفساد فهما معروفان ، والمراد بهما هنا الفعليان لا الفرضيان ، وبذلك يتضح سقوط بعض النقوض.
وأما الضمان فإنه في الاصطلاح قسمان ضمان يد وضمان معاوضة. أما ضمان المعاوضة فهو الضمان بالمسمى في العقود الصحيحة. وأما ضمان اليد فهو ضمان المثلي بمثله ، والقيمي بقيمته في باب الغصب وغيره. والمراد من الضمان في قولهم (يضمن بصحيحه) ضمان المعاوضة. والمراد منه قولهم (بفاسده) ضمان اليد واختلافهما لا يضر بعد كون الفساد والصحة قرينة على المراد ، وتصوير الجامع ممكن ، ولكنه تضييع للوقت (١).
الجهة الثانية : هل القاعدة مختصة بمورد الجهل بالفساد أو لا ، بل تشمل العلم به.؟ احتمالان .. ولا ريب أن الثاني هو الظاهر منها. فإن تعليق الحكم على عنوان ، في لسان الشارع أو المتشرعة أو العرف ، يتبع واقعه ، ولا سيما بعد البناء على أن الألفاظ موضوعة لمعانيها الواقعية. ولكن مع ذلك فقد اضطربت كلماتهم كما ستعرفه إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت هذا فاعلم أن توضيح هذه الجهة يتم ببيان صورها ، ثم حكاية الأقوال فيها ، ثم التكلم في كل صورة من أصول الصور وحدها. فنقول : أما أصول الصور المتصورة في البيع والإجارة مثلا فهي خمسة :
أولها : أن يكون البيع بعوض متمول شرعا وعرفا ، ولكن يعرض له الفساد من جهة الربا أو الجهالة أو عدم القبض كما في الصرف أو غير ذلك.
ثانيها : أن يكون بعوض غير متمول شرعا ، كالخمر ، والخنزير. ويكون فساده من أجل ذلك.
__________________
(١) نقل ليلة الإثنين ١٥ جماد الأول سنة ١٣٨٢ ه. في الكويت في الساعة الثالثة بعد المغرب.